الحماية القانونية للاستثمارات الأجنبية
في جمهورية جنوب السودان
دراسة تحليلية مقارنة
د. فارول جيمس
إنّ الملاحظ في منتصفِ القرن العشرين تزايد الإهتمام بشكلٍ كبير بالإستثماراتِ الأجنبيّة مِن قِبل الدّول النّامية المضيفة, وذلك يعود إلى مجموعةِ مِن الأسبابِ منها : تراجع القروض المقدّمة إليها،و إجحاف الشّروط التي تمنح بموجبها تلك القروض, وتصاعد أزمة المديونية الخارجية، إضافةً إلى إنتباه الدّول النّامية إلى الدورِ الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص الأجنبي في دعمِ مشروعات التنميّة فيها. هذه الأسباب وغيرها دفعت الدّول النّامية والمتخلّفة إقتصادياً إلى فتحِ المجال أمام الإستثمارات الأجنبيّة كبديل عن القروضِ الأجنبيّة،التي أثبتت عدم فعاليتها نظراً للنتائجِ السّلبية المترتبة عنها كهيمنة الدّول المتقدمة إقتصاديا على الدّولِ النامية وتناقص سيطرة الأخيرة على قرارها الإقتصادي. علاوةً على إيلاءِ الأهميّة والإعتراف بالفوائدِ الكبيرة التي تحققّها الإستثمارات الأجنبيّة للدّولِ النّامية التي أصبحت بحاجةٍ ماسّة إليها بعائداتها الضخمة مِن رؤوسِ الأموال الأجنبيّة وخلق فرص للتشغيلِ وزيادة الإنتاج ونقل التكنولوجيا.
وأصبح الإستثمار الأجنبي مِن المواضيعِ التي تشغل حيزاً كبيراً في مختلفِ الدّول، خاصّة الدّول النامية التي شهِد فيها نمواً كبيراً في القرنِ التّاسع عشر،وتركّز ذلك النّمو في قطاعاتِ المعادن والزراعة والخدمات العامّة، ثم استغلال النفط ونقل التكنولوجيا الحديثة إلى جانبِ التطور الهائل في وسائلِ الإتصال والنقل في القرنينِ العشرين والواحد عشرين. وهي تهدف مِن وراءِ ذلك إلى رفعِ معدّلات التنميّة الإقتصادية وتحقيق إستقرارها الإقتصادي عن طريقِ تنمية مواردها وثرواتها المحليّة بُغيةِ تحقيق الإكتفاء الذّاتي كخطوةٍ أولى, ومِن ثمّ التفكير في المنافسةِ والتصديرِ. ولا يتأتى ذلكم الهدف إلا بإتّباعِ السُّبل التي تزيد الكفاءة الإقتصادية في إستغلالِ وتطوير الموارد الكامنة في الدّولة المضيفة بطريقةٍ مُثلى تحقّق أعلى معدلات الإنتاج والتنافسية مِن خلالِ وضع سياسات جاذبة وسِن قوانين تشجّع قدوم الإستثمارِ الأجنبي إليها.
ويشكّل الإستثمار الأجنبي أحد العوامل المؤّثرة إيجاباً في تطورِ إقتصاديات الدّول ونموها خاصّةً الدّول النامية ويُعد أيضاً، مِن نتاجِ العولمة على مستوى الإقتصاد والمال العالميين ،حيث يتداخل فيه اقتصادات الدّول وقدراتها على مجاراةِ الإقتصاد العالمي. ولأن البُلدان النامية تعاني مِن نقصٍ في مواردها المالية والإنخفاض الملحوظ في مدخراتها المحلية،إضافة إلى تراجعِ نسبة وقيمة المساعدات الرسميّة التي كانت تُقدّم مِن الدّولِ المتقدّمة،كان لابدّ لها،أي الدّول النّامية مِن إيجادِ طُرق لتعالج بها هذا الخلل، فوجدت السّبيل، مِن بين وسائل أُخري إلى بلوغِ غاياتها في تحقيقِ التنميّة الإقتصادية، في العملِ على تشجيعِ الإستثماراتِ الأجنبيّة والتي مِن خلالها تستطيع الدّولة تنويع صادراتها ومصادر دخلها الوطني،الأمر الذي يسهم بقدرٍ كبيرٍ في تحقيقِ إستقرارها الإقتصادي.