محمود محمد طه و قضايا التهميش في السودان – د. عبد الله الفكي البشير
التهميش كمصطلح أمر جديد و لكن بمفهومه القائم على الإهمال و العزل و القهر وعدم إعطاء الأهمية أو الاهتمام المباشر و التغييب في السجلات الرسمية أو التعبير عن حالة الدونية للأفراد أو المجموعات أو الثقافات، ليس بجديد ولا يخرج عن مفهوم الاستضعاف والظلم كما أنه كممارسة في مسيرة البشرية قديم و متجدد و يتجلى في أشكال عديدة.
ظل المهمشون/ المستضعفون في العالم، عبر التاريخ في حالة يقظة مستمرة يقومون بالثورات من أجل التغيير و التحرير و قد انتفعت البشرية من ثوراتهم في محطات عديدة كما يرى محمود محمد طه حيث أرجع تطور كلمة الشعب في مسيرة البشرية إلى يقظة المستضعفين/ المهمشين في الأرض.
يقف الكتاب عند نشأة مصطلح التهميش ومفهومه وتطوره في العالم و تاريخ ظهوره في السودان ، تعاني أقاليم/ أطراف السودان من تراكم المظالم في مجالات التنمية و توزيع الثروة و السلطة، والحقوق الثقافية و هضمها دستوريًا، لا سيما عدم الاعتراف باللغات المحلية.
لم يُوصف أهل الأقاليم المهمشة في السودان بالمهمشين، إلا في العام 1983 حيث ظهرت مصطلحات “المناطق المهمشة” و”المجموعات المهمشة”، يدرس الكتاب صورة السودان في المخيلة العربية- الإسلامية من خلال سرديات القرون الوسطى العربية- الإسلامية، و قدم لمحات من أثر تلك السرديات في المخيلة الأوروبية، وفي حقبة التكالب الاستعماري ،و يقدم الكتاب كذلك قراءة في آراء محمود محمد طه و مواقفه من قضايا التهميش في السودان.
نادى محمود محمد طه منذ عام 1946 بضرورة تحقيق الوحدة الداخلية أولًا فهي التي يجب أن تتحكم في تكييف علاقات السودان الخارجية لا سيما عضويته في جامعة الدول العربية.
دعا منذ عام 1955، إلى إقامة الحكم الفيدرالي لجميع أقاليم السودان و إلى تشجيع الحكم الذاتي، كما نادى منذ عام 1958 بضرورة احترام التنوع الثقافي وحسن إدارته و جدد دعوته للحكم الذاتي عندما عُقد مؤتمر البجة/ البجا بمدينة بورتسودان (أكتوبر 1958)، واصفاً مخرجات المؤتمر بأنها دون مستوى حقوق أهل المنطقة ، يقف الكتاب عند تعريف محمود محمد طه للسودان انطلاقًا من ذاتيته، وسلط الضوء على رؤيته لـ مستقبل السودان و لدوره المرتجى في مسيرة الإنسانية.