فِي أبْرِيل “أهَيِّئُ لَكِ طُفُولَةَ الكِلارْنِيتَ”

يناير 27, 20250

إذا كان  الحدث الشعري هو نص، أو تكوين يتألف من مجموعة أعمال شعرية، يدل على عملية تفكير في العالم ومحاولة لفهمه. فهو إذاً ليس مجرد “تعبير” عن فكرة، بل عملية إدماجية في التفكير بشأن شيءٍ ما وبالتالي فهو صناعة لوجود ولحدثٍ ذي سمة شعرية ليس له تحقق خارج النص.فيى استخطاطاته الشعرية يحاور الشاعر عادل سعد يوسف اللغة والحدث اليومي ويقدم خطاباً شعرياً تتعالق فيه اللغة مع السّرد  وما بين أسطورة أبريل حيث الربيع والأمل  وآلة الكلارنيت الموسيقية؛يبتدأ العنوان الذي هو نصٌّ شعري يقوم مقام النصوص التي تولّد ذاتها! أوليس الشعر هو من يكتبنا.  يكتب الاستاذ عادل سعد بنزعة تشوبها الريبية – في الشعر – فهو لا يبحث تجاوز الشك وصولاً إلى يقين، بل على خلاف ذلك فإنه يهشّم اليقين ويقوم بتكسيرٍ لحواجزه المألوفة، بهدف تأسيس مشروع إقامة جوهرية بالظن الشامل، الظن الكلي، حيث تقصى المعرفة الوثوقية، لصالح شكية مخلخلة ومنتجة في الآن ذاته، مخلخلة لنظام المعلوم، ومنتجة لأبجدية شعرية تقرأ المجاهيل اللابثة في الغور، في المسكوت عنه، في اللاوعي الباطني للكينونة، في اللغة البدائية، وفي أبنية الأسطورة وعالم الخيال.

 

بما أن الشعرية هي نداء التجدد، فإن نصوص الديوان  تمارس فعل سلب الواقع، وتتجاوزه عبر اللغة والسرديات، بتفعيلها لحركية الانزياح، وهو انزياح لا يتجلى في خرق الشعر لقانون اللغة فحسب، فهو يتعدى المحور الاستبدالي – حيث تتموضع علامات لغوية في مواقع علامات أخرى منحرفة بذلك عن أمكنتها الرئيسية، كما هو الشأن في استعارة المماثلة أو المشابهة – ليصل  الشاعر إلى مرحلة أخرى لا يكتفي فيها بتكسير الشعر القائم على المشابهة/المماثلة، بل يقوم بإنتاج أبنية خطابية تؤسس لشعرية الاختلاف واللامشابهة، لشعرية التعدد الجوهري، حيث الاستعارة لا تغدو علامة نموذجية مثلية للخطاب، بل مشروعا تثويرياً تشابكياً مولداً لرمزية عميقة تستمد كثافتها التعبيرية في القطيعة، أي في تلك الهوة الفاصلة بين الدال المستعار له، والدال المجاور له (المستعار منه)، وهو ما يعني إنتاج التوتر الصيروري في الشعر، توتر قائم على لعبة صراع الدوال المشكّلة للصورة الشعرية. وهي لعبة تكشف جوهر الصدام بين الرؤية / الوثبة التي تهدف إلى التخطي، وبين الواقع الأرضي واقع الانحجاب.

تتنوع ايقاعات النصوص الشعرية في هذا الديوان وتنوع الإيقاع هنا يمكن قراءته، بوصفة إحالة إلى الإيقاع الذي يمنح القصيدة هوية فنية تؤهلها، من ثــمّ، لجدارة اقتراح هوية ثقافية منفتحة ورؤية جديدة لما يجب أن يمثّله الشعر وكيف ينبغي أن يُكتب.

النّاشِر

 

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *