رواية أهوالُ التّمباكة –

فبراير 23, 20250

المؤلف : فضيل أحمد 

 

لم يعد هناك مايدعو للتمسك بالحياة إذن.. لا في الأرض الممتدة هذه ولا في السماء. الفراغ كله مثقلٌ بسموم الاقتتال. الطيور تعبُر أسراباً وتباعاً هاربة من امتلاء الأرض بالدخان. والرياح الحارة تضرب برمالها الوجوه والبيوت بلا رحمة، في الوقت الذي تبدي أشجار الغِبِّيش صموداً لا مثيل له من أجل البقاء.

البئر اليتيمة التي لم تجف لسبب لا يعرفه أحد.. صارت أكثر عمقاً من ذي قبل، فبدل أن كان الناس يلقون بدلوٍ مُعلّقٍ بحبلٍ طوله عشرة أذرع؛ اضطروا اليوم إلى زيادة ذراعين كاملين على الحبال حتى تلامس قرابهم الماء. وكبُر الأطفال تباعاً وامتلأت بهم البيوت والأزقة وأضحوا يشكلون مصدر قلق غير متوقع إزاء بوادر نفاد الطعام، إذ لم يعد هناك مكان بلا أطفال. داخل البيوت والمهاجرية وساحة الاحتفالات وفي كل مكان. ينتشرون في مجموعات صغيرة وكبيرة ينقشون التراب طوال النهار ويحفرون باطن الأرض بحثاً عن أشياء لا يعرفونها. لا يعرفون أي شيء عن أي شيء.. يُدركون فقط أن هناك أموراً سوف تحدث أو تكاد تحدث.

(مجتزأ قصير من الرواية)

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *