المؤلف د. النور حمد
تُعد المُذكرات جانبًا من جوانب الكتاب الإبداعية، وبصورة أكثر تحديدًا، جانب الكتابة الإبداعية غير الخياليةnonfiction ، وهو أمرٌ يقل الالتفات إليه. فالمذكرات لها قابلية لأن تصبح أحيانًا، مثيرةً للاهتمام بصورة كبيرة ومحركة لوجدان القارئ، حتى ليجري الخلط، أحيانًا، بينها وبين السير الذاتية. ومع أن السير الذاتية تمثل قصة حياة الشخص، مكتوبة بقلمه، إلا أن المذكرات تتشارك معها في بعض الخصائص، وهي السرد بضمير المتكلم. وهي بذلك أكثر من مجرد رصد للأحداث التي مرت بالشخص في صورة متتالية زمنياً. فهي ربما تكون وصفًا لحدثٍ واحدٍ بعينه، وليس وصفًا لحياة بأكملها. كما أن كتابتها تجري بصورة أقل هيكلة وأقل التزامًا بالشكل. فالمذكرات قد تركز على شخص بعينه، أو حدث بعينه، أو مكان بعينه. كما يمكن تمديدها لتستوعب طيفًا عريضًا من الأحداث ومن اللقطات السريعة.
تدخل بعض النصوص الذي يضمها هذا الكتاب في جانب المذكرات، كما يدخل جانب منها في أدب الرحلات، وكل تلك ضروبٌ من ضروب الكتابة الأدبية المعروفة. مع احتوائها أيضًا على شيء من التُّفكُّر، والتأمُّل، والأسلوب المتسم أحيانًا بالشاعرية والغنائية.
يطوف بنا د. النور حمد في بقاع السودان المختلفة، السودان المتعدد والغني بتنوعه، يدلف بنا إلى المدن والطرقان والناس والأمكنة والأزمنة، إنها كتابة أشبه بالسيرة الذاتية ولكنها أيضا مسكونة بأدب الرحلات، في هذا الكتاب نتعرف على وجه السودان الآخر وعلى الكاتب أيضاً.