الدّولة ما بعد الكولونيالية في السّودان عوامل النّشوء والإنحدار

فبراير 23, 20250

 

 المؤلف : الأستاذ التجاني الحاج عبدالرحمن 

فى أربعة فصول وبتأسيسٍ نظري منهجي متّسق ولغة جزلة، وتدرّج فى بناء الحجة، يعالج كتاب الأستاذ التجاني الحاج ” الدولة ما بعد الكولونيالية في السودان عوامل النشوء والانحدار ” معضلة فهم أسباب إنهيار الدولة السودانية بالنظر إلى الأدبيات التي كتبت عن نموذج الدولة ماقبل الرأسمالية فى المستعمرات السابقة في دول الجنوب ، مع التركيز على مفهوم الدولة الفاشلة من منظور دور الدولة الوظيفي المتمثل فى تنظيم المجتمع وإنفاذ التعاقد واحتكار العنف واستخدامه وفق إطار قانوني ودستوري ، يمكن النظر إلى مساهمة الكاتب في أنها ماضية فى نفس الإرث التقليدي القائم على إسقاط مفهوم الدولة القومية الأوروبية/ دولة وستفاليا التي تطورت لاحقاً إلى دولة وطنية بتوسيع مفهوم المواطنة والحقوق ، ليشمل مجموعات ما كان يمكن أن تعتبر كاملة الأهلية قبل أقل من قرن من الزمان على تجربة دول الجنوب التي حشرت حشراً في مسار تطور تاريخي بفعل الاستعمار الذي قطع مسيرة تطور أصيلة Indigenous Processوبالتالي، لم يعد بالإمكان معرفة شكل الدولة الذي كان يمكن أن تنتجه هذه العمليات التاريخية أهمية هذه النقطة؛ تكمن فى إن معايير فشل ونجاح الدول بما فى ذلك نظريات التنمية الاقتصادية الكلاسيكية التى سيطرت على الفكر السياسي والاقتصادي منذ بواكير الثورة الصناعية ، وخصوصاً إبّان الثورة الصناعية الثالثة التى كانت بداية التحول الرقمي عصر ثورة المعلومات، لم تعد كافيةفي مقاربة هذه الحالة التاريخية المعروفة بجدل الجنوب ، والبحث فى آتون أصالة التجربة المحلية، والتي شكلت مخيال العديد من الكتاب والبحاثة من جيل حركات التحرر الوطني وحركة البان افريكانزم Pan Africanism . 

 

 وظف الكاتب التجانى الحاج أطر نظرية متمثلة في نظرية النخب التى ربطت قيام الدولة الحديثة بنخب الطبقة الوسطى ومدى فاعليتها فى صراع المصالح، كما وظف الكاتب نظرية التبعية التى هي إمتداد أو ربما تفسير لمشروع أصالة التجربة المحلية وتخلفها عن مسيرة التطور الاقتصادي وفق نظرية التحديث لأسباب تتعلق بقطع الاستعمار المسار التاريخي ليس فقط ثقافياً لدول الجنوب، وإنما عبر عمليات اقتصادية جعلت من هذه الدول منتج للمواد الخام وغير قادرة على توطين المعرفة والتكنولوجيا ، وبذلك يكون الكاتب قد كوّن إطاراً نظريا متماسكاً أو ما يعرف بالتصميم البراغماتي للإطار الفلسفي ، بما يعطي الكاتب فرصة أن يقدم إسهامه العملى فى إستقراء المشهد، أي عوامل النشوء والانحدار للدولة السودانية الحديثة، دون لجلجة فكرية أو مماحكات فلسفية حول الأطر والمعاني.

د. بكري الجاك. 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *