تاريخ السّياسة والتعليم في جنوب السودان 1821-2021

يناير 28, 20250

في سبعة عشر فصلاً من هذا الكتاب المُهم ؛ يغوص الباحث والمؤلف د. أليو قرنق عميقاً في تاريخ السّياسة والتّعليم في جنوب السّودان مؤرّخاً ومحقبّاً للفترة من العام 1821 إلى العام 2021 . وهي فترة حدثت فيها الكثير من التقلبات السياسية والتاريخية في العالم عموماً وفي السودان خصوصاً وجنوب السودان على وجه التّحديد؛ وفي مباحث الكتاب يتناول المؤلف  التطورات السياسية والتعليمية في السودان منذ عهد محمد علي باشا  وعباس باشا الأول والخديوي إسماعيل باشا انتهاءاً بتطور التعليم في جمهورية جنوب السودان المستقلة من العام 2011 وإلى العام 2021 ومن ثمّ كيفية إصلاح هذا التعليم الذي ظل يشوبه الخلل وتتناوشه المعضلات هنا وهناك والذي ظلّ متأثّراً بتاريخيته ؛ مستخدماً  في ذلك منهجاً أركيولوجيا وتحليلياً في تفكيك تلك الفترة والفترات الماضية . وقد تجنب المؤلف بقدر ما استطاع الأطر الكورنولوجية في كتابة التاريخ.

ولأن تاريخ جنوب السّودان قد خضع لمفاهيم السّلطة السياسية ومشاكلها ، فقد كانت معظم الكتابات لا تخرج عن الأطر الايدلوجية وهي شوائب تعمل  وعملت على تزييف التاريخ ، خاصة وأن معظم الكتابات التاريخية عن جنوب السودان والتي كتبها مؤلفين سودانيين ظل إطار تناولهم لقضايا السياسة بشكل منفصل، بينما تُركت قضايا التعليم في جَنُوب السودان بذات الإسهاب الذي تناولوا به قضايا التّعليم في شمال السّودان، مع التركيز على الأحداث التاريخية المتعلقة بالتعليم مثل التّعريب والأسلمة القسرية، وسياسة إفراغ الأرض من السُكان.

يأتي هذا الكتاب ليسد فراغًا في تاريخ السودان وجنوب السودان، حيث لم يكن الكثير من المؤرخين يضعون في اعتباراتهم خصوصية شعوب السودان  وجنوب السودان والكتابة عنه بحيادية بعيداً عن التضليل الايدلوجي الذي وسم العمل السياسي في السودان والذي انسحب بدوره في الفعل الاكاديمي، وحيث تركزت كتاباتهم أو استمدت أسسها من رؤية العروبة والإسلام، وموضعتهم للسودان ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا  ضمن الكتلة الثقافية والعرقية الشرق أوسطية، مما جعلهم يتناسون أو يتجاهلون عن عمد كل التطورات التاريخية التي ارتبطت بالمجموعات التي تقع خارج إطارهم السياسي والثقافي.

غاب التناول الأكاديمي الجاد أيضاً في الكتابة التاريخية  من قبل مثقفي جَنُوب السودان لقضايا التعليم المتعلقة بالمنطقة وجاء  ذلك لاعتبارات الصراع السياسي الطويل الذي استمر لأكثر من 60 عاماً. فتوثيق التاريخ ومسببات ذاك التأخر في التطور تُرك لتعبث به الرياح. بينما ظل تركيز بعض كُتاب جَنُوب السودان على القضايا العسكرية والسياسية لما فيها من القدح المعلى في شأن النضال، أمّا قضايا التطورات التاريخية المتعلقة بالقضايا التعليمية والاجتماعية وكذلك الاقتصادية   بالاضافة إلى نظم الحكم وقضايا التحولات  المجتمعية والثقافية في جَنُوب السودان  فقد تُركت دون اهتمام من قبل نخب السودان جنوباً وشمالاً.

هذا الكتاب مادة دسمة للمؤرخين والباحثين والطلاب في القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وبالطبع السياسة والتعليم؛ ويفتح آفاق أوسع لنظرتنا للتاريخ السوداني شمالاً وجنوباً على مدى مائتي عام.

النّاشِر

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *