رواية : الغراب الذي أحبني
مثلما تغادر اليرقةُ شرنقتها عند اكتمال نمُوها، تخلص آدم من جسده، تركه على شاطئ النهر الصخري ومضى، كان عليه أن يعبر، فتلك الجُبَّة الثقيلة حمل زائل، لا تخص العالم خلف النافذة التي تركها في حديقتي، إننا نراهم كما في مخيلتنا أو توقعاتنا لأشكالهم ولبسهم وهيئاتهم ولغاتهم وشرورهم وطيب أخلاقهم، ولكنهم يعتصمون بما هم عليه في عالم اللاحياة أو اللامكان واللازمان؛ أو هيئة ذلك البرزخ المجهول، بالنسبة لنا ونحن في سجن المكان والأجساد والزمان وشروطه، يمرون خلف النافذة كما نمر نحن أمامها، نراهم بشروط
خسرتُ؛ “زائرٌ يَطْرقُ بَابَ غُرَفَتِي؛ زائرٌ – في سَاعةٍ مُتأخرةٍ مِنْ الليَّلِ- يَطرقُ بَابَ غُرْفَتي؛ هُو ذَاكَ وَلا شَيءَ أكثرْ.” خَسِرتُ طفلي للمرة الثانية، طفلي الذي رحل مرتين، خسرت آدم، خسرتُ رجلًا بمعدة فارغة، ولكنه لا يجوع، ثريًّا وليس بجيبه سنتٌ واحدٌ، متعلقًا جسده بالأرض بينما روحه تسبح في سماء لا سقف لها، يظل خلف النافذة بينما جُبَّتُهُ تَعْلَقُ بما هو أمامها، مكانه الفراغ الأبدي، ذلك الغراب النبيل الذي خلع شرنقته وطار.